Ahmad Moualla
Painting| Workshop| Graphic| Photograph| | | Contact info | What's new?
 


كل شيء أحمر وبعض الأقحوان  

 

 
الخلق، مغامرة مع المجهول. ورؤى جديدة.. وجميعها تصلح لأن تكون عناوين جميلة ومعبرة عن المعرض الذي انتهى مؤخراً في الثقافي الفرنسي للفنان أحمد معلا..
        في هذا الأخير والذي يمثل نتاج تجربته الأحداث والتي كانت بحق، محط إعجاب المهتمين والمتابعين، وأحياناً بقي سؤالاً محيراً بل صعب على الكثيرين..
في لوحات معرضه الأخير هذا، تلخيص، بل محصلة لتجاربه السابقة، وفي كل لوحة نشاهد بعضاً من الماضي الجميل، ولكن هذه المرة برموز ومفردات مختزلة وبسيطة، فيها ينتصر اللون على الشكل، الضوء على الظلمة, الخير على الشر. الأحمر على جميع الألوان.
إنها حلم بصري يراود الفنان في اليقظة، وربما جاء من مخزون الذاكرة الأجمل والمتألقة دائماً..
أشياء من الطفولة والتشرد، بعض من الشباب والحرمان. وكثير من الشهوة التي لا حدود لها، تعبث في فوضى المكان والزمان يكتنف عوالم هذا الفنان المجرب وغير العادي.
        أحمد معلا والتي أحلامه تختلف عن الآخرين.
        فجنته حمراء، ودروبه إليها رماد أخضر، والموت ينتظر بجلالته في كل مكان وأي زمان.
        كل شيء في لوحته حتى الأحمر، في حركة دائبة من أعلى إلى أسفل أو بالعكس، فالبداية والنهاية سيان..
        هنالك في إحدى اللوحات "في الشكل جانباً" والتي تمثل في أسلوبها نهاية مرحلته السابقة وبداية مرحلته الحديثة. ففيها كثير من الماضي، ملامح لأشكال قابعة هناك في أعلى ويمين اللوحة ومن جانبها ينسكب نهر من الألوان، وكأنه مجرى لبركان منصهر نشط للتو. يجرف في طريقه الأزرق والأخضر وكثيراً من اللون الأصفر، ليصب في النهاية أو ما بعدها أسفل اللوحة. إنها بداية النهاية، وبداية البداية، المهرجان الاحتفالي بقدوم الأعظم.
        لوحة معلا اليوم، بانوهات من الضوء الأحمر مشتعلة دائماً، تستوقفك طويلاً، فلا تسمح بأن تعبر هكذا, من غير تأمل أو توهج وشرود في فضاءاتها الأرحب، إنها كل الأحمر. المخاض, الولادة، الانعتاق، والسكون الذي يسبق العاصفة، بل هو العاصفة بأشدها، أو ما بعدها وما تبقى من دمار منثور على قماش اللوحة هناك حيث الشمس أشلاء ممزقة تطفو على صفحة البحر..
        لوحة معلا.. نشيد للحرية يغنيه الفنان بأعلى صوته, فيجيد الغناء, ويحسن العزف بفرشاة ألوانه التي وإن أخطأت، أصابت، فالخطأ عنده أجمل من الصواب، وكل التناقضات في لوحته تجتمع لتنهي الخلاف متفقة على توزع الضوء الذي يأتي دائماً وينتهي بزاوية..
        وفي لوحته صراخ جميل, وفرح حزين، حب واغتصاب، وحريق يلتهم كل شيء. ولم يبقي سوى على قصاصات تتطاير في سماء اللوحة تحمل عبارات، معلنة عن بيانه التشكيلي الهام، وإنها الأمل بالتحولات الكبيرة.
        قصاصات ملونة تندفع من جنون الأحمر، إلى السطح، تطفو بألوان زاهية، مثل نوافذ أو ثقوب تتنفس من خلالها شخصياته. التي لا وجود لها في المقدمة..
        فهي تحتفل هناك بجنازات الأحبة، وأعراس الجن التي تعقد خلف ستائر المجد المزيف.
        هناك حيث حقول الأقحوان..
        يبزغ فجر جديد.
        إنها دعوة إلى الحرية والانعتاق، من زيف الواقع الأكثر قباحة..
        دعوة إلى الانطلاق في فضاءات أكثر نقاءً إلى عالم لا لغة له ولا سيادة إلا للخير والحق والجمال.
        قماشة بيضاء بمساحة الدنيا، ولا شيء سوى الأحمر.
غازي عانا