Ahmad Moualla
Painting| Workshop| Graphic| Photograph| | | Contact info | What's new?
 


خوان ميرو في ثلاثة أبعاد ... تجربة د. أحمد معلا الجديدة  

 

 
لا تنحصر أهمية التجربة التي يقوم بها الفنان "د. أحمد معلا" أستاذ مادة الاتصالات البصرية - كلية الفنون الجميلة- جامعة دمشق.
لا تنحصر أهميتها بكونها المبادرة الأولى من نوعها في حياتنا التشكيلية النشيطة إلى حد ما، حتى يمكننا القول أن الضعف الأكثر بروزاً في هذه التجربة ينبع من كونها يتيمة بشكل ما. مع كل ما تحمل من دعوة للآخرين للمشاركة في هكذا نشاطات ثقافية إلا أن العادة عندما يأتي الموفدون إلى الخارج وهم يحملون شهادات الدكتوراه فإنهم يبادرون إلى الانزواء والعمل على تطوير تجاربهم الشخصية فقط وعبر أعمالهم يتم التماس بينهم وبين الثقافة البصرية السائدة. أما د. أحمد معلا فقد سبح معاكسة حيث طرح نفسه ميدانياً في محاولة تجريبية متخمة بالحوار والأسئلة في مقابل ثقافة بصرية مرتبكة وابتدائية وهي تواجد مع نهايات القرن طروحات تشكيلية مفرقة بالتجريد والإدهاس  فكانت مغامرته المجنونة. بطرح سؤاله الكبير على المشاهد عن ماهية لوحة القرن العشرين كيف نراها ونتعامل معها. هل هي خربشات مجانين أم هي تركيب مدروس وخلاَّق لرؤى جمالية مصاغة بلغة اللون والشكل، لتشكل خطاباً منسقاً مع الزمان والمكان... طبعاً ليست هناك إصابات نظرية معلبة، إنما ورشة عمل دعي إليها الفنان (معلا) للدخول إلى عوالم القرن العشرين التشكيلية، عبر بوابة أكثر فناني عصرنا غرابة وأسطره إنه ( خوان ميرو) الذي يشكل مع بيكاسو ودالي المعجزة الإسبانية في الفن. حيث على أيديهم تمت ولادة أهم الفتوحات الفنية ثورية وغنى، مما يعكس بصدق منظر هذا القرن الكثيف...
كيف( نرى عالم ميرو في ثلاثة أبعاد) إنه ليس عنوان المعرض القادم للفنان (معلا) فقط. إنه ورشة العمل التي صاغها عبر اجتماع جنونه الإبداعي مع أفكاره التربوية (والتي يخرج بها إلى خارج أسور الجامعة) ليؤسس لجرأة التجربة والإقدام الإبداعي مع مجموعة من الشباب المتحمسين للفن والذين لمسوا بأيديهم كيف تتحول الفكرة إلى واقع وكيف يتحول الحلم إلى إبداع...
ومع الدخول إلى صالة المركز الثقافي الفرنسي- بدمشق... يتحول( كتالوغ ) أعمال ميرو إلى عالم بهي وساهر إلى فضاء تتدلى فيه بخفة مجسمات لعناصر لوحة ميرو ملونة وفاتنة تحتضنها خلفيات لوحاته تضيؤها أشعة الشمس الملونة المتسللة عب ورق السلوفان الملون والذي يغطي النوافذ بأشكال ميرويه عالم واسع لا نهائي يتيح لك أن ترسم لوحة ميرو مرة أخرى بتكرار لا نهائي وذلك باستعمال عناصر لوحة ميرو التشكيلية... لينتقل المشاهد إلى قلب اللعبة وعليه أن يشكل رؤاه بنفسه ولنفسه دون إلغاء الآخر أو بالأصح  بالاشتراك مع الآخر الذي قد يختلف معه ولكن... لن يلغيه مما يعطيه إحساساً بالرحابة يؤسس لعلاقة أجدى مع فن نهايات القرن .
للنظر إلى عالم ميرو في أبعاده الثلاثة كان علينا لقاء د. معلا ليضيء لنا بعض نواحي هذه التجربة... 
·         د. معلا ... ماذا (طلع في رأسك) ... ما معنى ورشة العمل هذه ... وما هي الغاية من هذا الحوار بين المجموعة ؟
     لقد حظي معرضي الأخير أواخر عام 1993 ... بجمهور كبير... هذا الجمهور أثار عندي موضوع قيمة العمل التشكيلي والحاجة إلى الجديد ولاحظت الرغبة العميقة عند الكثيرين في (فهم) العمل التشكيلي والاحتكاك به ومن جهة ثانية، لقد حاولت خلال سنوات تدريسي لمادة الاتصال البصري بكلية الفنون الجميلة، حاولت العمل على ابتكار مشاريع جديدة في محاولة لاستخدام مواد متنوعة ومختلفة في الانجاز البصري والتشكيلي والتي تمنح دائماً الإحساس بقيمة الجديد الذي تنقله هذه المواد الغير تقليدية... إلى جانب هذا فالتجارب التشكيلية في سورية وقفت عند حدود إطار اللوحة ولم تتجاوزها وكأن التجربة التشكيلية العالمية لم تتجاوز بيكاسو مما دفعني إلى إحياء التجريب بمفاهيم مختلفة في محاولة لتوسيع حقل العمل التشكيلي بالإضافة إلى التوق لتأكيد الروح الإبداعية التي نمتلكها في الصراع المعاصرعلى قيمة الإنسان وأهميته... لقد ولدت الفكرة في ذهني من خلال ما سبق وكانت لدي بإنجاز تشكيلي ذي ثلاثة أبعاد بحيث يدخله المشاهد وكأنه يزور عالماً جديداً وليس الواقع المحيط. ووقع اختياري على الفنان الإسباني خوان ميرو، لكثافة قيمة تشكيلية ووضوحها اللوني والخطي، وقد عرضت الفكرة على السيد( برنارهيغونو) مدير المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، الذي رحب بالفكرة وقدم لي بهو المركز الرئيسي من أجل العمل... وفعلاً كان ذلك... حيث وزعنا أدواتنا وبدأنا العمل من أجل تحقيق المعرض ليكون جاهزاً في نهاية 1994 ربما تون هذه التجربة فرصة لمجموعة الشباب الفنانين الذين يعملون معي كي يساهموا في المستقبل بخلق المناخ التشكيلي السوري وهذا أهم ما يمكن بلورته من الحوار القائم على أساس قبول المختلف والمغاير والخاص والمتألق....
·         ولكن لماذا( خوان ميرو) ماذا تستطيع أن تقدم أعماله في تجربة كهذه؟
     خوان ميرو فنان أسباني ولد عام 1893 وتوفي عام 1983 لقد استطاع طوال التسعين سنة التي عاشها أن يوازي حركة فن القرن العشرين كاملة، فكان في عيون النقاد سريالياً تجريدياً وتأثيرياً وتعبيرياً.... ولكن الأهم من ذلك كله هو صياغته لعالم واحد مشترك هو عالم ميرو الذي تتقاسمه الخطوط المرنة والمساحات المغلقة تمكن من خلالها ومن خلال استخدامه للألوان الطازجة من تحويل عواطفه ومشاعره وأحلامه ولا وعيه إلى مادة تشكيلية بصرية منحته اسم الخلاّق لعالم طفولي نبيل. لقد اخترت ميرو لأنه شكل عالماً خاصاً ولأن هذا العالم جديد ومختلف، ولا يهمني من ميرو الشخص أي انتماء أو تطلعات. فأنا أعتبره "الآخر" الآخر المختلف عني، الذي علي قبوله كما هو. وقد ساهمت لوحته ( كرنفال أرلوكان) في اختياري له وذلك تشابه ما أردت صياغته بثلاث أبعاد... إن أعمال ميرو البسيطة الحضور بصرياً، تتجاوز وكأنها من كوكب آخر لا يحسّ فيها بشذوذات أو ضلالات مما يمنحها قوة الوحدة ولذلك هي قابلة للتطويع بالأبعاد الثلاثة دون الحاجة إلى الكثير من التفاصيل ويضاف إلى هذا أنني أعطي الأهمية الأولى في الفن للفعل والعمل وليس للنتائج. إن ما يهمني هو فعل الخلق. والصياغة والبناء من جهة، وفعل المشاهدة من جانب آخر، وليس لهذه الأشكال وهذه الأجرام أية قيم خارج هذه الأفعال إن حضورها المادي هو فرصة للمشاهد لتجريب الدخول في عالم الآخر المختلف الغريب – الجديد واحترام هذا الاختلاف... أما عن الموقف من مدى جمالية هذا المرض أو وظيفته أو أهميته فأتركه إلى حين حصول العرض بشكل متكامل...
·         كنت أقصد أين تكمن إمكانية الإبداع في التجريب على أعمال مبدعه سلفاً؟
     إنها الفكرة بحد ذاتها... إثارة موضوع البعد الثالث والدخول في اللوحة مكانياً وزمانياً، هل سيكون إبداعاً لو أن الدخول سيكون إلى جوف شجرة منفذ بالأبعاد الثلاثة. بالمقارنة بالدخول إلى عالم رجل آخر هو الفنان ميرو... كيف تنظر إلى هذا...؟
     إننا لا نعيد عملاً لميرو لكننا نعيد صياغة كامل العمل الذي تركه ميرو وهذه الاستعادة لا تقوم على تطبيق حرفي لعناصر عمله وإنما لاشتقاقات تلزم الحركة والمواجهة... ماذا لو كانت الأشكال التي تتوزع في المكان تماثيل لرجال ونساء هل سيكون الأمر عندها إبداعاً أكثر... أعتقد أن التجربة ستمنحنا نتائج جديدة بتعبها...
أما نحن وبانتظار افتتاح المعرض فسوف يكون لنا وقفة مع هذه النفحة الجديدة في فضاء التشكيل السوري.
دمشـق نجيب نصير