Ahmad Moualla
Painting| Workshop| Graphic| Photograph| | | Contact info | What's new?
 


حوار "سري" وحميم مع الفنان أحمد معلا  

 

 
مجنون اللون والغربة، ووثوبي المعنى
باستيل، زيتيات، أكوريال... رسومات مجبولة بالتمرد، ولوحات مغسولة بألوان مجنونة، عرضها الفنان أحمد معلا، في دمشق مؤخراً، في إطار معرضه الفردي الأول.
        ما كان لتلك النخلة التي جلس تحتها الخليفة مطمئناً لعدله أن تحيا، فالخليفة مقتول، والجنازة لنخلة، مقطوعة تحملها موجة من الخطوط اللينة المتراقصة واللون البهي والبشر المتراحين على نشيد التشييع.
        المتنبي هارباً وابنه في قفار هذه البلاد اللعينة العاصفة، والجميع يترقب موجة المجهول التي تقتحم وداعة الحياة والطمأنينة الكاذبة لبشر يعيشون لحظة الترقب والخطر، وأنت وعشقك مربوط على شباك أو قنطرة عربية قلبك جامح إلى الآفاق، وميراثك يشدك إلى الخلف، فأين المفر يا أيها التائه.
        إلى الرقص أيها الجمع الغفير، مثل قفير البشر عندما تداهمه الهولة، الخوف والرعب والانتظار، يجابه الرقص والترقب والركض والإنقسام والقتل والغوغاء والسابية والموج، شريط خيالي- واقعي لكنه مركب بطريقة تبدأ لتنتهي ولكن المسافة هي أن تفهم ياصاحب العقل وتعي ما تقوله لك تلك اللوحات التي يقدمها أحمد معلا.
        كل مدينة هي عارية مجهولة بانتظارك، تقدم لك شبقها وبكاؤها وطلسمها، إنها المراة التي تفتح ذراعيها المدميين لك أيها الفاتح الصغير المهزوم سلفاً أمام رعشتك الأولى وعجزك أما هذا الجسد الإلهي المجهول والمشتهى والحلم، وتترك نصلها في القلب وتمضي. إله الموت الفرعوني أو حمض الكبريت يقرر من المقتول وأنت تضحك في خافيتك إن الخيار لم يكن أنت بل كان آخر، وأنت مسرور تتفرج على مشهد موتك، وبساديتك البارعة في التخفي دائماً تقول لست أنا المقتول وأنت هو ياصديقي باصبعه الساخرة يومئ لك أحمد معلا في أعماله.
        .. أدفنوا موتاكم وترقبوا من سيتلو عليكم صلاة النخلة الأخيرة، صرخة وحيدة في وادي السابلة والنجيع، إلى الأمام وحيداً لنفسي ولك أقولها في لوحتي. همس في أذني أحمد وأنا أمام تلك الملحمة من الأجساد المذعورة والمتراصة في وجه ذلك الآتي حتماً ليضع حذاءه الأسود الفاشي في وجهك البليد. إنه يعطيكم ذاكرته ولونه الجميل وإيقاع المشهد الجديد المقبل وطلسمه الفجري ويمضي مع النوق المهاجرة.
 "إليك ذاكرتي عن بلادي أهدي صلاتي الملحدة وزندقتي وبصيرتي، وأمام جسدك الذي هرم قبل الأوان وبقي في الذاكرة ومواويل صبا وفتوة أهدي بكائي وفجيعتي أيضاً"
يتحدث أحمد وهو ينتحب ويخفي دموعه:
"وجهك الدميم – الوسيم أمام شاطئ بحر كتب عليه سلالتك المنقرضة أو التي في أوج الانقراض رسمته لوناً وخطاً رسالة وداع لك يا صديقي العاجز أمام حبك وإضاءتك، لكن قلبي معك، ربما أحدنا هو الآخر، أو آخرنا هو الأحد".
بسخرية قالها أحمد لكنني فهمته لأنه كان قريباً جداً من موقع القلب.
"في البدء كانت البروتوبلاسما والهيولى واللون المدهش وها أنا أعود إلى البدء، لكنه بدء حافل بتاريخ البشرية الأسود الذي لن يبقى منه إلا نحن على سبيل الذكرى والإنسانية والضمير" أضافها أحمد بترخيص لأحد الأعمال التي وقفنا أمامها طويلاً.
عندما سألته عمن لم يفهموا الأعمال أجاب: "لـ..."، ثم أضاف "كل شيء واضح، ولست ملزماً بجهل الآخرين". أضفت والمدن "كل المدن أحبها وكلها خانتني حتى بيروت التي توحدت معها وعشقتها أنها عُلا التي سأعشقها إلى أن أموت". ولكن هل إلى هذه الدرجة كان نصرنا هزيلاً أجابني "نحن انتصرنا من خلال الثقافة والفن على أنفسنا وخبثها فقط، آباؤنا ذاقوا هزيمة السياسة، لقد فقدنا جاهاً ونبحث عن ملك ثقافي ضائعوأقنوم آخر غير تلك الأقانيم التي هزمت آباءنا، كما قال امرؤ القيس مجازاً ولكن بشكل معاصر، إنها نفس الصرخة والصوت الذي يتردد صداه من الجاهلية إلى عصر الكمبيوتر، إنني أسمعه يهمسها بأذني ويحملني دم أبيه وأبي قبل أن يضيع جدثه في أصقاع هذه الأرض العربية الملعونة، إنني أبحث عن توازن الكون الذي اختل في داخلي منذ تلك الصرخة، ولوحة "يدا الشاعر" التي أفرغت كل الزجاجات والأوراق البيضاء، هي أصداء تلك القصيدة نفسها التي تستمر عبر الأجيال أو كما قال المسيح إلى أبد الدهر.
        إذاً فأنت تبشر "نعم أبشر بصوتي الذي يتضامن مع شعائرية الحشود التي تراها في لوحاتي، لكنني أختلف معهم في البسملة والحوقلة، أبشر بميلاد علياء ابنتي الصغيرة بفرح وغبطة رغم غربتي عنها. وأبشر أيضاً كسرب غربان كانت تسلح علي مساء وأنا انتظر على موقف الباص أيام الجامعة، هذا التبشير مستمر إنها رسالة تحمل المضمون نفسه منذ البروتوبلاسما إلى المسيح إلى الإسلام إلى كارل ماركس، إلى أن ينتهي الإنسان ويفنى".
        وبعد "إنني انتظركم وسأبقى أنتظركم رغم يأسي وتعبي ومرارتي، وحصاني ينتظر فارساً ترجل، وحوار اثنين أن ينتهي إلى قرار بات مستهلكاً من كثرة الوضوح، لكن قلبي هو المتعب والخائف من قبلة يهوذا بين الضلوع".
        ووحدتك أنني أشعر بها "وحدتي قاتلة إنها واضحة في ذلك الشخص المنفرد الساخر الذي يومئ بإصبعه، أنك تشعر بأنك تقترب من الآخرين إلى درجة الالتصاق ولكن دون أن تدري، ورغم محبتك واحترامك لم يبيحون دمك، فتدبر عنهم لتطمئن إلى سكونك وهدوئك، ولكيلا تصاب بالخراب والهشاشة، قد يكون كل فرد مبدع بحد ذاته مشروعاً ثقافياً وإبداعياً".
        والمرأة أين أنت منها "إنك تلاحظها في غالبية أعمالي ودائماً تترك جرحاً مفتوحاً ما إن يندمل حتى تعود لتنكأه بسادية وقسوة لا أستحقها، لذلك كانت المدن هي النساء، وليست أي شيء آخر، وفي كل لوحة هناك حركة تومئ لذلك الجرح الذي فتنني".
        والحياة بقيمها الجديدة "أحاول جاهداً أن أتمثل قيماً جديدة، ليست سوى مراجعة لكل التاريخ الذي عشته، في تعاملي مع الناس مع اللوحة مع اللحظة، لا أعرف بدقة إذا كان هذا أكثر عقلانية أو أكثر جنوناً ولكن كل ما أستطيع أن أقوله لك هو أن متوسط الحياة بالنسبة لبني آدم هو 60 سنة، وأظنها غير كافية للقبض على فراشه، لذلك سيكون على التاريخ أن يضجع على وسادة من الجثث طرية ومنفوخة برائحة تعلمنا أنها سيئة".
        وماذا عن النقد "الناقد يريد من المنتقد أن يكتب بلغته – لغة الناقد- ومن الرسام أن يرسم بألوانه –ألوان النقد- تباً لهذه الموضوعية خاصة وأن لنا موضوعيتنا أو موضوعياتنا إذا اعتبرنا أن الإطار المرجعي الذي يتراكم ويتكثف داخل كل فرد قد يكون موضوعياً أو لا".
دمشق مجد حيدر      
البطاقة الفنية:
·        من مواليد سورية 1958
·        مصور ومصمم غرافيكي
·        خريج كلية الفنون الجميلة – دمشق – قسم الاتصالات البصرية 1981
·        خريج المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس – 1987
·        كتب أطروحة حول الدعاية الغربية الموجهة إلى البلاد العربية من خلال الإعلانات التجارية في المجلات العربية للعام 1987
·        عمل في مجلة أسامة – دمشق، ورسم مجموعة قصص للتلفزيون العربي السوري، وعمل رساماً في مجلة (الصفر) في باريس، وفي مجلة (الأزمنة) الشهر – الأدبية – ويعمل في حقل الإخراج الصحفي وتصميم الأغلفة.
·        مدرس في كلية الفنون الجميلة في دمشق قسم الإتصالات البصرية.
·        حاز على المرتبة الأولى في المسابقة الغرافيكية بمدينة كيل في ألمانيا الغربية. وأخرج ونفذ المشروع لصالح بلدية مدينة كيل 1987- 1988.