Ahmad Moualla
Painting| Workshop| Graphic| Photograph| | | Contact info | What's new?
 


في معرض أقامه "المجلس الوطني" في صالة الفنون  

 

المعلا استنطق الذاكرة وجمع الأزمنة في "توليفة" تشكيلية رائعة
متابعة قاسم دشتي
كان معرض الفنان السوري د.أحمد معلا غير عادي. إذ كان فيه من الخلق والتفرد بالفكرة مما جعل المتلقي يقف مبهوراً أمام هذا الحشد من العناصر التكونية البشرية التي ذابت في محيط العمل التشكيلي لتخلق حالة إنسانية غريبة يجمعها الموقف الواحد والهم الواحد.
        وكانت لوحات أحمد معلا التي عرضت في صالة الفنون ضمن معرضه الشخصي الذي افتتح تحت رعاية د. محمد الرميحي. كانت مزدحمة بقضايا إنسانية وحكايا وسير وحالات تضاد بين الفرح والحزن والحياة والموت والتي انعكست بدورها على اللون ونقيضه كالأسود والأبيض. وهذه الشخوص رغم تعددها تتحول إلى ما هو أشبه بمشهد مسرحي أو سينمائي. فهي تعيش حالات متناقضة وأحاسيس متناقضة. برزت عبر الريشة واللون لتبرز معها جماليات الأسود والأبيض وجماليات الأزرق أو الأحمر أو الأخضر أو الأصفر حينما يتداخل أحد هذه الألوان مع الألوان الرئيسية –الأسود والأبيض- ليشكل عنصراً آخر من اللون يضفي ثراء ومعنى مدروساً وتفسيراً لحالة التجمهر البشرية من أعمال الفنان التي نفذها بتكنيك مختلط من الخامات كان الرمل أحدها. لعب من خلالها على المساحات الفارغة بصورة جريئة مدروسة إذ تتحول المادة التشكيلية إلى لغة بصرية أخاذة في ريشة أحمد المعلا تستمد من الواقع تألقها ومن التجريد غموضها. وهما استمرارية لحالة التضاد التي ذكرناها سابقاً.
        وهذه الحالة البصرية تمتد إلى عالم الواقع ليحول الفنان قاعة المعرض إلى ديكور مسرحي تجريدي عبر قصاصات الصحف بالأسود والأبيض أو بالألوان والتي قبعت في أرضية القاعة تحت كل لوحة مشكلة بذلك إنعكاساً لونياً ومشهداً بصورة جريئة لا تخلو من الغرابة والجمال كما أن الجرأة والثقة في طرح التجربة عبر جداريات ضخمة تجمع الفراغات والكتل بمنظور شاسع تنم عن وعي الفنان وإدراكه ودراسته لمادته التشكيلية قبل رسمها.
        وفي المؤتمر الصحفي الذي أقيم على هامش المعرض أشار د. أحمد المعلا إلى التطويرات التي حدثت على صعيد الساحة التشكيلية فالفن التشكيلي يمثل علاقة واضحة مع الحياة وكل فنان يطرح هذه العلاقة بصورة تشكيلية خاصة تختلف عن الآخرين.
        وهي انعكاسة لرؤية الفنان تجاه الواقع سلباً أو إيجاباً. فمفهوم القطيع الذي يرد في أعماله لا يخلو من الهوس الذي يقود الناس إلى مصيرهم المجهول. والبشر إجمالاً يشكلون هاجساً لدى د. المعلا فهو يرسم الجمع وكأنهم فرد والتشكيل هو أهم قيمة يقدمها الفن التشكيلي للمتلقى. فهو فن له استقلاليته التي تكمن في البحث عن الجمال وتقديمها للمتلقي بعيداً عن أي منظور سياسي أو اقتصادي لأنه يعكس علاقة الفن مع العالم وهو تلقائياً ينعكس على حياتنا بصورة تحضيرية أو تجميلية وفي كلتا الحالتين حقق غاية.
        وحول الحالة التشكيلية لدى المعلا قال: بالنسبة لي فأنا لا أرسم كل يوم فهو مشروع مرتبط بدراسة وبإمكانيات معينة وحينما أقرر الرسم أكون قد هضمت الكثير من القضايا ثم أبدأ بعد ذلك برسم لوحة كبيرة دون تحضير. وهي مرحلة تمهيدية قبل الشروع في مشروعه الحقيقي الذي هو توليفة سينمائية تحول لوحاته إلى مشاهد لشخصيات من مختلف العصور تجمع مثلاً أشخاصاً من العصر العباسي مع أناس من زمننا وهذا الإرباك هو الذي يؤدي إلى حالة الذبذبة وجمع الأزمنة والاستمرارية في استنطاق الذاكرة دون توقف .